لماذا لا نتبادل الألحان مثلما نتبادل عناوين الكتب ؟

| الجمعة، 4 أكتوبر 2013
tumblr_lvnvfzoSFJ1qj77gfo1_500
أتأمل التاريخ في الطرف الأيمن من شاشة حاسوبي، وأفكر في الدقائق، والساعات، والأيام التي أضعتها في فعل لا شيء / في التذمر من واقع لا استطيع استساغته رغم أني مجبرة على العيش فيه ،، من جامعة لو رتبت وقتي لاستطعت الانتهاء من كل ما هو مطلوب مني .. إلا أني أبعثر وقتي في أشياء غير مهمة كـ تأمل العابرين في الشارع .. وتتبع صراخ أبناء جارنا .. كـ قضاء وقت في المطبخ لإعداد حلوى سـ تنتقدها أمي، وتأكلها أخواتي .. والغوص في رواية لن تضيف لـ البحث الذي أعده شيئا .. والغرق في اليوتيوب بحثا عن مقاطع فيديو ملهمة، تحمل قصصا مختلفة أتابعها، وأتأثر بها ساعات ثم أنسـاها .. مثلما انسى دروس الحياة، ومرارتها حتى أقع مرة أخرى فـ تعود الدروس إلى رأسي ..
تتسرب الأيام مني دون أن أقدم شيئا يستحق الذكر .. أو يُشار إليه .. مقصرة في حق دراستي، ونفسي، وتقول أختي الكبيرة أني مقصرة في حق العائلة .. أؤمن إيمانا كاملا ان حضوري لـ التجمعات العائلية ينبغي أن يكون تاما .. أن أحضر جسدا، وروحا .. أن أذهب لأني أريد الذهاب، وليس لأنها عادة كبرنا عليها، وجزء من جدولي الأسبوعي. أريد أن أزورهم بـ روح خفيفة/سعيدة لأنها تلتقي بهم، وليس بسبب عتاب أمي الثقيل، وإلحاح أخواتي ~
.. أمسيت أذكر نفسي كثيرا بـ أني أكبر، وأكبر، وأكبر على هذه الأرض التي قال عنها محمود درويش ” على هذه الأرض ما يستحق الحياة “، فـ أبحث كل يوم عن شيء يدفعني للاستيقاظ صباحا، والخروج لـ مواجهة عالم يلاحقني بأسئلته عن موعد انتهائي من بحث الماجستير/ ومتى سـ أتوظف / وكم من الكيلوات فقدت منذ آخر لقاء / وهل بدأت الاعتناء ببشرتي الباهتة/ وما هي خططي المستقبلية / وما فائدة الروايات التي أقرأها / ومتى سأتوب إلى الله ؟ ..
أسئلة تنكزني .. تلاحقني أينما وجهت وجهي .. فـ أنسحب من عالم حقيقي إلى غرفة منعزلة أصاحب فيها كتبا لا تُزعجني بـ أسئلتها، ولا أزعجها بـ تذمري. أغرس في أذنيّ سماعة بيضاء، وأحلق بين الألحان .. سـ أعترف بتفكيري في الفنون كثيرا هذه الأيام .. في الرسم الذي يشدني، وعزف الموسيقى، والشعر .. في تتبع المعارض الفنية حول العالم، والوقوف أمام لوحة ملطخة بالألوان، ومحاولة فهمها .. في لبس طاقية الإخفاء، والجلوس أمام شاعر يكتب أبياته .. في التسلل إلى عقل ملحن، وقراءة روحه وهو يبحث عن لحن يسرد تفاصيل حكايته ..
أحب الفنون منذ مراهقتي، ولطالما فكرت في تعلم العزف على آلة موسيقية إلا أنه أمر يرفضه والداي .. أمي تذكرنا كلما خرجنا معا بـ حرمة الموسيقى، وهي تفتح المذياع بحثا عن إذاعة القرآن، وتستغفر .. في حين يرى أبي أن الدراسة هي الشيء الوحيد المهم في هذه الدنيا، وما عداها مجرد مضيعة للوقت لا فائدة منه. موقف أهلي من الموسيقى يدفعني للتفكير في العالم .. ترى ماذا سيحدث في الدنيا لو رفض كل الناس تعليم أطفالهم الموسيقى، والعزف، وملاحقة الألحان؟ ماذا سيحدث لكل هذه الآلات الموسيقية، والمعزوفات التي تقول ما نعجز عن قوله ؟ لا استطيع تخيل عالم بدون موسيقى، ومجرد التفكير في الأمر يُرعبني.
حين أجلس مع نفسي، وأفكر في كل الأشياء التي أود فعلها قبل الموت أتفاجأ بأنها أشياء صغيرة، وبسيطة جدا .. لا أطمح لأن أكون “رائدة” في أي مجال من المجالات هذه الكلمة التي أصبحت مستهلكة في تويتر على نحو يُثير التقزز منها .. كنت أتمنى قبل عام أن أكتب كتابا بسيطا يحوي نصوصا مختلفة سيساهم ولو بشكل بسيط بتذكير الناس أني كنت هنا لكن هذه الفكرة ما عادت قوية مثل السابق.
كل ما أنا متأكدة منه الآن أني أتمنى: السفر إلى تركيا/فرنسا/سويسرا/قطر/الصين/أمريكا/البحرين/الهند/ماليزيا/الكويت/الصومال – حتى ألتقي بـ النقية صديقة التدوين آمنة – ودول أخرى .. الانتهاء من رسالة الماجستير بتفوق، وتقديم عمل أفتخر به مستقبلا. الحصول على وظيفة هادئة تمكني من شراء ما أريد من الكتب .. الجلوس على كورنيش مطرح من بعد صلاة العشاء حتى الفجر .. أتمنى أن لا أتخلى عن أبسط الأشياء التي أحبها، وتعكس سارة، لأن من حولي لا يتقبلها .. أتمنى الاقتراب من سماوات الله، ومصاحبة المصحف أكثر .. أتمنى قراءة كل دواوين محمود درويش .. وأن أضيف شيئا، وأحدث تغييرا وإن كان بسيطا في حياة كل من أمرّ عليه .. أحب الهدوء في حياتي ولا أريد شيئا من هذا العالم الصاخب ..
 عشقي سعودي ~ 

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Next Prev
▲Top▲